سورة المؤمنون - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


قوله تعالى: {بل أتيناهم بالحق} أي: بالتوحيد والقرآن {وإِنَّهم لكاذبون} فيما يُضِيفون إِلى الله من الولد والشريك؛ ثم نفاهما عنه بما بعد هذا إِلى قوله: {إِذاً لذهب كل إِله بما خَلَق} أي: لانفرد بخَلْقِه ولم يرض أن يُضاف خَلْقُه وإِنعامه إِلى غيره، ولمنع الإِله الآخر عن الاستيلاء على ما خَلَق {ولعلا بعضهم على بعض} أي: غلب بعضهم بعضاً.
قوله تعالى: {عالمِ الغيب} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: {عالمِ} بالخفض. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {عالمُ} بالرفع. قال الأخفش: الجرُّ أجود، ليكون الكلام من وجه واحد، والرفع، على أن يكون خبر ابتداء محذوف، ويقوِّيه أن الكلام الأول قد انقطع.


قوله تعالى: {إِمَّا تُرِيَنِّي} وقرأ أبو عمران الجوني، والضحاك: {تُرئَنِّي} بالهمز بين الراء والنون من غير ياء. والمعنى: إِن أريتني ما يوعَدون من القتل والعذاب، فاجعلني خارجاً عنهم ولا تُهلكني بهلاكهم؛ فأراه الله تعالى ما وعدهم ببدر وغيرها، ونجّاه ومن معه.
قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسنُ السَّيِّئَةَ} فيه أربعة أقوال.
أحدها: ادفع إِساءة المسيءِ بالصفح، قاله الحسن.
والثاني: ادفع الفُحش بالسلام، قاله عطاء، والضحاك.
والثالث: ادفع الشِّرك بالتوحيد، قاله ابن السائب.
والرابع: ادفع المنكَر بالموعظة، حكاه الماوردي. وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: {نحن أعلم بما يصفون} أي: بما يقولون من الشِّرك والتكذيب؛ والمعنى إِنَّا نجازيهم على ذلك. {وقل رب أعوذ} أي: ألجأ وأمتنع {بِكَ من هَمَزات الشياطين} قال ابن قتيبة: هو نَخْسُها وطَعْنُها، ومنه قيل للعائب: هُمَزَةٌ، كأنه يطعن ويَنْخَس إِذا عاب. وقال ابن فارس: الهَمْزُ كالعَصْر، يقال: همزتُ الشيء في كفِّي، ومنه الهَمْز في الكلام، لأنه كأنه يضغط الحرف، وقال غيره: الهَمْز في اللغة: الدَّفع، وهَمَزات الشياطين: دَفْعُهم بالإِغواء إِلى المعاصي.
قوله تعالى: {أن يَحْضُرُون} أي: أن يَشْهَدُون؛ والمعنى: أن يصيبوني بسوءٍ، لأن الشيطان لا يحضر ابن آدم إِلا بسوءٍ. ثم أخبر أن هؤلاء الكفار المنكِرين للبعث يسألون الرجعة إِلى الدنيا عند الموت بالآية التي تلي هذه، وقيل: هذا السؤال منهم للملائكة الذين يقبضون أرواحهم.
فإن قيل: كيف قال: {ارجعون} وهو يريد: ارجعني؟
فالجواب: أن هذا اللفظ تعرفه العرب للعظيم الشأن، وذلك أنه يخبر عن نفسه فيه بما تخبر به الجماعة، كقوله: {إِنَّا نحن نُحيي ونُميت} [ق: 43]، فجاء خطابه كإخباره عن نفسه، هذا قول الزجاج.


قوله تعالى: {لعلّي أعمل صالحاً فيما تَرَكْتُ} قال ابن عباس: فيما مضى من عُمُري؛ وقال مقاتل: فيما تركت من العمل الصالح.
قوله تعالى: {كلاَّ} أي: لا يرجع إِلى الدنيا {إِنَّها} يعني: مسألته الرجعة {كلمةٌ هو قائلها} أي: هو كلام لا فائدة له فيه {ومن ورائهم} أي: أمامهم وبين أيديهم {برزخ} قال ابن قتيبة: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة، وكل شيء بين شيئين فهو برزخ. وقال الزجاج: البرزخ في اللغة: الحاجز، وهو هاهنا: ما بين موت الميت وبعثه.
قوله تعالى: {فإذا نُفخ في الصُّور} في هذه النفخة قولان:
أحدهما: أنها النفخة الأولى، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنها الثانية، رواه عطاء عن ابن عباس.
قوله تعالى: {فلا أنساب بينهم} في الكلام محذوف، تقديره: لا أنساب بينهم يومئذ يتفاخرون بها أو يتقاطعون بها، لأن الأنساب لا تنقطع يومئذ، إِنما يُرفَع التواصل والتفخار بها.
وفي قوله: {ولا يَتَساءلون} ثلاثة أقوال.
أحدها: لا يتساءلون بالأنساب أن يترك بعضهم لبعض حَقَّه.
والثاني: لا يسأل بعضهم بعضاً عن شأنه، لاشتغال كل واحد بنفسه.
والثالث: لا يسأل بعضهم بعضاً من أي قبيل أنت، كما تفعل العرب لتعرف النسب فتعرف قدر الرجل. وما بعد هذا قد سبق تفسيره [الأعراف: 8] إِلى قوله: {تَلْفَحُ وجوهَهم النَّارُ} قال الزجاج: تلفح وتنفح بمعنىً واحد، إِلا أن اللفح أعظم تأثيراً، والكالح: الذي قد تشمَّرت شفته عن أسنانه، نحو ما ترى من رؤوس الغنم إِذا برزت الأسنان وتشمَّرت الشفاه. وقال ابن مسعود: قد بدت أسنانهم وتقلَّصت شفاههم كالرأس المشيط بالنار. وروى أبو عبد الله الحاكم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية: «تشويه النار فتقلِّص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سُرَّته».

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7